مصير أزمة الغلاء والتضخم التي أرهقت العالم... الخبراء يدلون بتوقعاتهم للأشهر القادمة
مع تراجع المخاوف من فيروس كوفيد وتراجع إجراءات العزل الاجتماعي والإغلاق، وعلى وقع حزم تيسير ضخمة أطلقتها الدول المتقدمة في فترة الوباء، قفزت أسعار السلع عالميًا إلى أعلى مستوى في أكثر من عقد، خلال 2021.
وقد أنهى مؤشر "بلومبرغ" للسلع في التعاملات الفورية، الذي يقيس أداء 23 من العقود الآجلة للطاقة والمعادن والمحاصيل، عام 2021 بزيادة قدرها 27%، وهي أكبر وتيرة منذ الانتعاش في عام 2009 بعد الأزمة المالية الكبرى.
وفي غضون 2021، ارتفعت أسعار كل السلع من البنزين والذرة إلى النحاس والأخشاب، مما جعل ملء خزان الوقود وبناء المنازل وأكل اللحوم وتصنيع السيارات وتدفئة المنازل أكثر تكلفة.
ثم أدى إطلاق حملات التطعيم وتخفيف القيود على السفر والتجمعات إلى زيادة الطلب على المواد الخام، في وقت كانت فيه الإمدادات ما تزال تواجه قيوداً إلى حدٍّ كبير بسبب نقص الإنفاق الرأسمالي، وخسائر المحاصيل بسبب الطقس والاختناقات اللوجستية.
كما أدى النقص على نطاق واسع، إلى ارتفاع حاد بشكل خاص في العقود الآجلة للسلع الأساسية للتسليم على المدى القريب، مما جعل السوق أكثر جاذبية للأموال أو الصناديق التي تبحث بالفعل عن شراء أسهم شركات الطاقة والغذاء والمعادن، للتحوط من التضخم.
إلى متى سترتفع الأسعار بعد ذلك وما مصير التضخم في الأشهر القادمة؟
مع قدوم العالم الميلادي الجديد 2022؛ فإنَّ هناك شكوكاً متزايدة حول المدى الذي يمكن أن تواصل السلع خلاله الارتفاع مع تباطؤ متوقَّع في النمو الاقتصادي، خاصة في الصين، ومن المرجح أن يؤثر انتعاش الإمدادات في الأسعار.
نضع بعين الاعتبار أيضًا أن التضخم قد جعل ارتفاع الأسعار خلال 2021 أولوية عاجلة للسياسيين، إذ يفكر محافظو البنوك المركزية بتقليص عمليات ضخ النقد الهائلة التي كانت تستخدم لإنعاش الاقتصادات خلال فترات تفشي الوباء. ويعني احتمال رفع أسعار الفائدة أيضاً أنَّ السلع قد تجذب المستثمرين بدرجة أقل، وبالتالي انخفاض الطلب وكبح التضخم.
وقد خفّضت صناديق التحوط بالفعل، رهاناتها على صعود السلع بنسبة 35% منذ الذروة خلال فبراير/ شباط 2021 ، وفقاً لبيانات من لجنة تداول العقود الآجلة للسلع الأمريكية التي جمعتها "بلومبرغ".
وعلى الساحة السياسية، واجه الرئيس الأمريكي "جو بايدن" انتقادات متزايدة بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة، ولا سيما أسعار البنزين في محطات التعبئة. و بالتنسيق مع دول أخرى؛ قرر "بايدن" استخدام 50 مليون برميل من النفط الخام من الاحتياطيات الاستراتيجية الأمريكية كوسيلة لوقف ارتفاع أسعار النفط.
ثم اتخذت الصين خطوات مماثلة في وقت سابق من 2021 لكبح جماح التكاليف الباهظة للمعادن. علاوة على ذلك؛ فإنَّ المتحور "أوميكرون" سريع الانتشار غيَّر ملامح توقُّعات الطلب أو طمسها.
وبعد تحليل كل هذه المعطيات، يتوقَّع "إد مورس"، رئيس أبحاث السلع الأساسية في "سيتي غروب" انخفاضاً في أسعار المواد الخام، يساعد في تخفيف الضغط التضخمي في عام 2022.
وقال "مورس" في مقطع فيديو للعملاء بعنوان "الانكماش وتباين الأسعار وإزالة الاختناقات... والمزيد من التقلبات في المستقبل": "نتوقَّع هبوطاً صريحاً لأسعار مجموعة كاملة من السلع". وأضاف: "هذا عكس ما كنا نفكر فيه العام الماضي عندما كنا متفائلين بقوة إزاء جميع السلع".
يذكر أنه قد انخفض مؤشر "بلومبرغ" للسلع بالفعل بنسبة 6.4% منذ أن سجّل رقماً قياسياً في أكتوبر/ تشرين الأول 2021، وتعرض لأول خسارة ربع سنوية له منذ مطلع عام 2020، عندما أدت المخاوف إزاء الوباء إلى انهيار أسواق مثل النفط.