5 كوارث في الموازنة السورية الجديدة لعام 2022... تحذيرات يطلقها خبراء
تلقت الموازنة السورية الجديدة لعام 2022 العديد من الانتقادات، كان أهمها أن المخططون لهذه الموازنة تجاهلوا معطيات مهمة تفرض نفسها في البلد كارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية للناس، علاوةً على ازدياد نسب الفقر والجوع عامًا بعد عام بلا توقف.
في هذا الصدد فقد نشرت صحيفة "العربي الجديد" تقريرًا بينت فيه ما قالت إنه "خمس كوارث اقتصادية" تخفيها الموازنة السورية الجديدة لعام 2022.
لم تأخذ بالحسبان توقعات تدهور الليرة السورية:
بعد الاطلاع على حجم الموازنة، تتجسد المشكلة الأولى في سعر العملة السورية التي حددتها الموازنة بـ 2512 ليرة مقابل الدولار، متجاهلة وجود توقعات قوية بهبوطها إلى نحو 4 آلاف ليرة، ما يعني تآكل أكثر من 70% من حجم الموازنة.
ولعل ما حدث خلال موازنة عام 2021، مثال حي لم يزل ماثلاً أمام السوريين، وقت تم إقرار الموازنة بنحو 8.5 تريليونات ليرة، ما يعادل 4 مليارات دولار، ليتآكل جزء كبير من شقي الموازنة، الجاري والاستثماري، بعد تراجع الليرة من 2200 ليرة لتستقر اليوم على 3600 مقابل الدولار الواحد.
تراجع بكتلة الموازنة رغم ارتفاع الأسعار:
تتجسد المشكلة الثانية في تراجع حجم الموازنة للعام المقبل عن قيمتها للعام الحالي، فرغم ارتفاع الأسعار، محلياً وعالمياً، وزيادة نسبة الفقر بسورية عن 90%، رأينا تراجعاً بكتلة الموازنة إذا ما قيست بأي عملة عالمية.
فعند احتساب فرق سعر الدولار الرسمي بسورية، بين 1256 ليرة وقت أعلنت موازنة العام الماضي، وبين السعر الرسمي الحالي 2512، نرى الموازنة المالية للعام المقبل لا تزيد عن 5.3 مليارات دولار، في حين بلغت موازنة عام 2021 حين إقرارها، نحو 6.8 مليارات دولار أميركي (8500 مليار ليرة سورية).
العجز الكبير في الموازنة:
لا شك أن العجز المقدر بنحو 4118 مليار ليرة، هو المصيبة الثالثة في هذه الموازنة، ليبقى السؤال الأهم هو كيفية تغطيته، لا سيما أنّ وزير المالية "كنان ياغي"، قال إنّ العجز سيغطى عبر اقتراض 600 مليار ليرة من سندات خزينة الدولة، و500 مليون ليرة من موارد خارجية، فيكون ما تبقى من العجز محالًا إلى مصرف سورية المركزي كاعتمادات مأخوذة من الاحتياطي لدى المصرف.
ولأن تلك الأبواب الثلاثة التي عوّل الوزير فتحها، موصدة أمام الحكومة، يبقى حل سندات الخزينة صعباً، إذ لا يمكن لعاقل أن يجازف بشراء أوراق مالية، مهما بلغت نسبة الفائدة، بعملة مرشحة للانهيار، ليبقى التضخم أعلى من أي سعر فائدة تفكر الحكومة أن تغري للشراء به.
كما أنّ الموارد الخارجية، بواقع استمرار الحصار والعقوبات، وبواقع تعطّل الإنتاج وشلل التصدير، حل تسويفي يعرف الوزير نفسه، أنه غير قابل للتحقيق، ليكون بالباب الثالث، الاقتراض من المصرف المركزي، خطوةً بعيدةً عن الواقع للغاية، بعد أن بددت الحرب احتياطي سورية الأجنبي البالغ نحو 18 مليار دولار قبل الحرب.
ذلك إلا إن كان قصد الوزير، الاقتراض بالليرة التي سيتم طبع ورق كبير منها (فئة 5 آلاف وربما 10 آلاف ليرة)، ليزيد المعروض النقدي في السوق، من دون أي تغطية إنتاجية وخدمية أو عملات ومعادن نفيسة، ويزيد وقتذاك تدهور سعر الليرة التي تراجعت من 50 مقابل الدولار عام 2011 إلى ما هي عليه اليوم.
استمرار الاعتماد الحكومي على جيوب الناس:
وتتجلى المشكلة الرابعة برفع الأسعار، واستمرار سياسة الحكومة بالاعتماد على جيوب الناس، كطريقة وحيدة، مضمونة ومباشرة، لجني المال، كما رأينا من خلال رفع الضرائب واعتماد إجراءات رجعية، وصلت إلى حبس رجال الأعمال والصناعيين المحتجين، ورفع أسعار حوامل الطاقة بين مرتين للمازوت و4 مرات للبنزين والكهرباء، خلال العام الجاري فقط، ورفع أسعار السلع المدعومة، بما فيها الخبز بنسبة 100% العام الجاري.
ولعل بتراجع حجم الدعم، خاصة عن المشتقات النفطية، هناك مؤشر داعم لهذه الكارثة، فما خصصته موازنة العام المقبل من مبلغ لدعم المشتقات النفطية والبالغ 2700 مليار ليرة هو عملياً أقل مما خصصته للعام الجاري، وفق أسعار الصرف، خاصة أن النفط تستورده الحكومة بالدولار.
إنفاق الأسرة السورية يستمر بالزيادة إلى أضعاف مضاعفة من متوسط الأجور:
تتجلى المشكلة الخامسة بأن إنفاق الأسرة السورية بلغ حد 1.2 مليون ليرة شهريًا، وذلك لتلبية الأساسيات من احتياجات الحياة.
أما في هذا الوقت فإن الراتب – حتى بعد الزيادة المتواضعة الأخيرة – ما زال بعيدًا كل البعد عن توفير ما يقي عائلة سورية من الجوع.
ولم يكن في الموازنة الجديدة أي بوادر لإمكانية حل هذه المشكلة، ناهيك عن إقرار وزير المالية أكثر من مرة بشكل غير مباشر أنه لا أمل بإمكانية تطبيق زيادة كبيرة على الرواتب على المدى المتوسط.