بعد أن اشتكت الحكومة من هول خسائر الدعم...مؤسسة الأعلاف تتفاخر بأرباح لا تسعها البنوك
ليس جديدًا على السوريين تناقض التصريحات الحكومية، وأن يكذّب بعضها الآخر، لكن وصول الأمر إلى درجة من الوضوح أو ما يمكن تسميته بـ "الوقاحة" بات مستفزًا بالنسبة للناس.
في هذا الصدد، كان مدير عام مؤسسة الأعلاف "عبد الكريم شباط"، قد أكد في تصريحاتٍ إعلامية، أن المؤسسة رابحة لدرجة أن المصارف باتت تشكو من إيداعاتها والتي تتجاوز 50 مليون يوميًا نتيجة بيع المواد العلفية.
على النقيض من ذلك، وفي لقاء أجرته صحيفة "المشهد" مؤخراً مع وزير الزراعة المهندس "حسان قطنا"، فقد بيّن أن "مؤسسة الأعلاف" تشتري قشر القمح النخالة من أرض المطحنة بـ 950 ليرة سورية وتبيعه كمقنن علفي للمربين بـ 700 ليرة، مما يعني أن المؤسسة تخسر 250 ألف ليرة في كل طن من مادة النخالة وبدون حساب تكاليف النقل والعتالة من المطاحن إلى مستودعات الأعلاف.
الأمر الآخر أن الوزير أكد في ذلك اللقاء أن المؤسسة تدعم مختلف أنواع الأعلاف من سعر التكلفة وبنسب متباينة (بين 15 - 25 ٪) وليس مقارنةً بأسعار الأعلاف الموجودة في السوق السوداء، بينما كان مدير مؤسسة الأعلاف قد احتسب قيمة الدعم بناءً على الفارق مع أسعار السوق السوداء، وأشار "حرفياً" إلى أن المؤسسة تؤمن احتياجات الثروة الحيوانية باستمرار بأقل من سعر السوق السوداء بنسبة 25% في الحد الأدنى، وقال: "على سبيل المثال لا الحصر تؤمن المؤسسة النخالة بسعر أقل من السوق السوداء بحوالي 35%، وكذلك الذرة بأقل من 28%"
تقول الصحيفة التي نقلت هذه التصريحات، إن كلام مدير المؤسسة يضعنا أمام احتمالين لا ثالث لهما فإما أن الدعم الحكومي للأعلاف مجرد رواية للاستهلاك الإعلامي أو أن هذا المدير لا يقول الحقيقة.
وعليه نسأل من أين أتت أرباح المؤسسة والتي ارهقت البنوك على حد قول مديرها "عبد الكريم شباط"، في حال فعلاً كانت تقدم دعم للمربين من قيمة التكلفة؟!
يُذكر أن الثروة الحيوانية في سوريا وخصوصًا في البادية، تعاني من مشاكل مستعصية تضعها أمام خطر التراجع بشكل كبير، خاصة مع فقدان الحكومة القدرة الاقتصادية لدعم المربين في مناطق نفوذها، إضافةً لاستمرار الأعمال الحربية وفقدان الأمن الذي دفع الكثير من المربين إلى ترك المراعي والهجرة أو التفكير بأعمال أخرى.
في الماضي، كانت الثروة الحيوانية السورية تلعب دورا غاية في الأهمية في الأمن الغذائي للسوريين، كما تلعب دورا اقتصاديًا كبيرًا في الدخل وتأمين فرص العمل، إذ تدخل منتجاتها في العديد من الصناعات النسيجية الرائدة، التي انحسرت بسبب الحرب.
أما الآن فقد تراجعت أعداد الثروة الحيوانية في سوريا، وفقاً لبيانات وزارة الزراعة، من نحو 25 مليون رأس غنم سنوياً قبل 2011، إلى أقل من 10 ملايين.