أميركا تتجه لرفع الفائدة على الدولار... مما يعني مزيدًا من التضخم والمعاناة للأسواق الناشئة

كشف البنك المركزي الأميركي، مساء يوم الثلاثاء الماضي، عن استعداده لإنهاء التمويل الرخيص ورفع الفائدة على الدولار في النصف الأول من العام القادم.

وعلى وقع ذلك بدأ كبار المستثمرين يراجعون حساباتهم الاستثمارية وإعادة تقييم محافظ استثماراتهم بأدوات المال الرئيسية في العام المقبل.

التضخم لم يعد أمرًا مؤقتًا... ازدياد خطورة المشكلة:

اعترف رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي "جيروم بأول"، لأول مرة، أنّ "مخاطر التضخم قد ارتفعت كثيراً ولم تعد أمراً مؤقتاً كما كان يعتقد في السابق" كما أشار في إفاداته أمام لجنة المصارف بمجلس الشيوخ، إلى أنّ مخاطر المتحور "أوميكرون" قد تؤدي إلى اضطراب في سلاسل الإمداد، وبالتالي تزيد من معدل التضخم.

وفي الاتجاه المقابل فإن المتحور الجديد ربما سيتفاعل ليؤثر على زيادة معدل البطالة وتراجع مستويات الدخول في الولايات المتحدة في حال لجوء البلاد لعمليات إغلاقات للاقتصاد مثلما حدث في العام الماضي.

وسط هذا التخبط وهذه المعطيات المتناقضة، يرى محللون أن نمو الاقتصاد الأميركي قوي جداً، وأن ضغوط التضخم مرتفعة، وبالتالي تستدعي تشديد السياسة النقدية. ولذا فالتوقعات تشير إلى أنّ سعر الفائدة الأميركية سيرتفع بسرعة أكبر من توقعاتهم السابقة، وتلقائياً سيتبعها ارتفاع الفائدة في أوروبا وآسيا ودول الخليج التي ترتبط عملاتها بالدولار.

في مقدمتها مصر وتركيا... تأثير ارتفاع الفائدة على البلدان النامية والأسواق الناشئة:

يرى محللون في مؤسسة "أوكسفورد إيكونومكس" أنّ ارتفاع سعر الفائدة على الدولار سيكون له تأثير مباشر وكبير على أسواق الأسهم وأسعار الصرف العالمية بسبب حجم الاقتصاد الأميركي الضخم الذي يقدر بنحو 23.17 تريليون دولار في العام الجاري، وكذلك بسبب حجم سوق الأسهم الأميركي المقدر بنحو 48.57 تريليون دولار.

في هذا الشأن، يعتقد مدير استراتيجيات الاقتصاد الكلي في مؤسسة "أوكسفورد إيكونومكس" للأبحاث الاقتصادية، أنّ رفع سعر الفائدة سيكون له تأثير كبير على الاقتصادات العالمية بسبب ضخامة الاقتصاد الأميركي".

لكن يبدو أنّ الصداع الأكبر للمستثمرين في أنحاء العالم، خصوصاً الأسواق الناشئة، يتمثل في سعر صرف الدولار المرتفع حالياً والمتوقع ارتفاعه أكثر في العام المقبل، إذ إنّ تشديد السياسة النقدية ورفع الفائدة سيعنيان ارتفاع الدولار والأصول المقومة به.

وحتى الآن، تتوقع معظم المصارف الأميركية وعلى رأسها " جي بي مورغان" و"مجموعة " سيتي بانك"، ارتفاع الدولار بمعدل كبير خلال العام المقبل.

ومن بين الدول التي ستتأثر بارتفاع الدولار، إضافة إلى الدول المستوردة للنفط، تلك التي لديها ديون قصيرة الأجل بالدولار مثل مصر وتركيا وباكستان وبعض الدول الأفريقية الفقيرة. وهذه الدول ستعاني من ارتفاع خدمة الديون وربما ستعاني كذلك من النقص في السيولة الدولارية.

دول الخليج... المستفيد الوحيد تقريبًا من بين الأسواق الناشئة:

بالحديث عن دول الخليج، فيرى محللون أنّها ستستفيد من الدولار القوي لسببين، أولها أنّها ستبيع النفط والغاز الطبيعي بسعر أعلى للعملة الأميركية، كما يلاحظ أن معظم وارداتها تأتي من الصين ودول جنوب آسيا وليس من الولايات المتحدة. وبالتالي فهي ستسدد فاتورة الواردات بالدولار المرتفع وتشتري من أسواق منخفضة العملات؛ وتبعاً لذلك لن تكون من بين الدول المستوردة للتضخم الأميركي المرتفع أو التي ستتأثر بارتفاع فاتورة الواردات.