تهديدات عديدة تعرض الثروة الحيوانية في سوريا لخطر الانكماش وسط صمت حكومي

تعاني الثروة الحيوانية في سوريا وخصوصًا  في البادية، من مشاكل مستعصية تضعها أمام خطر التراجع بشكل كبير، خاصة مع فقدان الحكومة القدرة الاقتصادية لدعم المربين في مناطق نفوذها، إضافةً لاستمرار الأعمال الحربية وفقدان الأمن الذي دفع الكثير من المربين إلى ترك المراعي والهجرة أو التفكير بأعمال أخرى.

في الماضي، كانت الثروة الحيوانية السورية تلعب دورا غاية في الأهمية في الأمن الغذائي للسوريين، كما تلعب دورا اقتصاديًا كبيرًا في الدخل وتأمين فرص العمل، إذ تدخل منتجاتها في العديد من الصناعات النسيجية الرائدة، التي انحسرت بسبب الحرب.

أما الآن فقد تراجعت أعداد الثروة الحيوانية في سوريا، وفقاً لبيانات وزارة الزراعة، من نحو 25 مليون رأس غنم سنوياً قبل 2011، إلى أقل من 10 ملايين.

ويعد الجفاف ونقص المياه أول المشاكل التي تواجهها عملية تربية الحيوانات في البادية السورية، وخاصة قطعان الغنم والماعز والبقر، لكنها ليست الخطر الرئيسي الذي يهدد هذا القطاع.

مشكلة نقص المراعي تترافق مع إهمال الحكومة للمربين:

يعتبر نقص المراعي في هذه الأيام مشكلة كبيرة تواجه تربية الأغنام في منطقة سلمية أو في أي منطقة أخرى من البادية السورية.

يقول "محمد الصليبي"، أحد العاملين في تربية الغنم بناحية سلمية شمال شرقي حماة: "كنا سابقا نقوم بنقل الأغنام من منطقة لأخرى بهدف الرعي، لكن اليوم انعدام الأمن واستمرار المعارك في عموم مناطق البادية سببا خسارة واسعة في حجم المراعي، وهناك نقص في الغذاء لا يعوض بالعلف"..

وأضاف، كما نقلت عنه صحيفة "العربي جديد"، أن تركيز الرعي في مناطق محدودة أدى إلى فقر هذه المراعي، وعدم هطول كميات وفيرة من الأمطار والجفاف لا يساهما بشكل جيد في تجددها، وذلك يدفع المربي إلى شراء العلف الغالي، وهناك نقص شديد في العلف المورد من قبل الحكومة، فضلا عن عدم دعم المربي ماديا بشكل جيد.

ثم يؤكد مربي الأغنام أن استمرار الغارات الروسية وهجمات اللصوص المجهولين دفع المربين إلى اقتصار رعيهم على المناطق القريبة من مراكز المدن، وهي مراعٍ غير وفيرة بالأعشاب وفيها مشكلة توفير المياه أيضا، أضف إلى ذلك أن وجود الألغام وعدم اهتمام الحكومة بتمشيطها كما ينبغي، أديا إلى مقتل وجرح العشرات أثناء عملية الرعي، فضلا عن الهجمات من قبل مجهولين، التي أدت أيضا إلى مقتل عاملين في الرعي ونفوق قطعان بأكملها.

أمام المربين خيارين... البيع أو الهجرة:

مع ضعف قدرة الحكومة على حماية المراعي وعدم وجود دعم مادي والأزمة الاقتصادية واستمرار المعارك، يرى الكثير من المربين أن الحل الأمثل هو بيع القطعان والهجرة إلى المدن للعمل في مهن أخرى، أو الهجرة من سورية بشكل نهائي لإيجاد مكان أفضل وآمن للعمل والعيش.

وقال المربي "وليد العيسى" إنه باع كامل قطيعه من الأغنام والماعز، البالغ عدده قرابة ألف رأس، وترك ناحية مسكنة في ريف حلب الغربي وانتقل إلى مدينة حلب، ثم غادر سورية بشكل نهائي إلى تركيا بعد دفع مبلغ للمهربين.

وأوضح أن سعر العلف تجاوز مليوناً ونصف مليون ليرة لطن الشعير، في حين تجاوز سعر طن التبن نصف مليون ليرة سورية، مضيفا أن كل خروف يحتاج في اليوم الواحد إلى غذاء بقيمة 7 آلاف ليرة على الأقل، أي أنه بحاجة إلى 7 ملايين ليرة كل يوم لإطعام القطيع، لكنه لا يحتاج إلى هذه المبالغ في المراعي الطبيعية.

وأضاف للصحيفة ذاتها، أنه لم يعد هناك مجال للعمل في هذه المهنة، ومن يعمل فيها يواجه خطر الموت هو وأغنامه أو يواجه خطر الخسارة. هناك أسباب كثيرة، منها الأمراض وتأمين الأدوية لها، وذلك تكلفته الاقتصادية باتت كبيرة، كما أن انعدام الأمان بابٌ آخر.

وكانت البادية السورية قد شهدت عدة حوادث أليمة، قتلت فيها عائلات بأكملها كانت تعمل في رعي الأغنام بالبادية في حلب والرقة وحماة.