تسبح عكس التيار... الحكومة السورية تتوجه لتحرير الأسعار في فترة تضخم عالمي
يحمّل الخبراء والمراقبون الحكومة السورية مسؤولية الغلاء وتدني قدرة الناس الشرائية، لأنها تسعى إلى تحرير الأسعار، في الوقت الذي يتجه فيه العالم لدعم الشعوب بعد موجة زيادة الاستهلاك وارتفاع الأسعار العالمية، غذائية كانت أم مشتقات نفطية.
حيث تلوح الحكومة في الآونة الأخيرة إلى توفير المواد الأساسية المدعومة كالخبز والمحروقات بأسعار حرة، وهو ما اعتبره البعض خطوة أولى لرفع الدعم، ورأى آخرون أنه تملص من مسؤولية وتكاليف توفير السلع المدعومة.
ويقول الخبير الاقتصادي "حسين جميل" الذي يتبنى هذا الرأي، في حديثٍ لصحيفة "العربي الجديد"، إنّ الحكومة قد رفعت جميع الأسعار وتخلّت عن دعم المواد الغذائية، ورفعت الرسوم والضرائب، في الوقت الذي قلّصت فيه بموازنة عام 2022 كتلة دعم المحروقات والمواد الغذائية".
وهي تسعى برأيه إلى "تعويم أسعار المشتقات النفطية وبيعها بأعلى من السعر العالمي"، بعد أن أوقفت دعم واردات المواد الغذائية والمواد الداخلة في الإنتاج، بما فيها الدوائية، الأمر الذي زاد من ارتفاع الأسعار وساهم في انتشار الفساد والاحتكار.
وحول تعليمات إعفاء المواد الأولية الداخلية في الصناعة الصادرة، يوم الخميس الماضي، يشير الاقتصادي السوري إلى أنّ "تعليمات وزارة المالية لا تطول سوى المواد الأولية ذات الرسم الجمركي 1% وطلبت الوزارة تعقيدات قبل تطبيق الإعفاء، وهو ما يعني أنها لن تؤثر على زيادة الإنتاج أو كسر حدة الأسعار".
في هذه الأثناء تشهد الأسواق السورية ارتفاعاً مستمرّاً لأسعار المواد الاستهلاكية، لتزيد تكاليف معيشة الأسرة السورية عن 1.8 مليون ليرة، في حين لا يتجاوز الأجر الشهري 72 ألف ليرة.
وفي بعض المناطق السورية، زاد سعر كيلو الأرز المصري عن 4000 ليرة والبرغل عن 4100 ليرة، في حين قفز سعر كيلو الشاي إلى 25 ألفاً والسكر إلى 3700 ليرة.
كما تستمر أسعار الخضار والفواكه بالارتفاع ليسجل كيلو البطاطا 2800 ليرة والبندورة 1500 ليرة، بينما تبقى اللحوم خارج اهتمام المستهلكين، بعد زيادة كيلو لحم الخروف عن 25 ألف ليرة، وشرحات الدجاج 14 ألف ليرة سورية.
ويرى "محمد أكرم الحلاق" أمين سر غرفة صناعة دمشق وريفها، أنّ "المشكلة الأساسية التي نعاني منها جميعاً كمواطنين وصناعيين وتجار هي ارتفاع أسعار الطاقة والمحروقات والكهرباء حوالي 10 أضعاف والمازوت 3 أضعاف، وهو ما انعكس على تكاليف الإنتاج".
وأشار "الحلاق"، في تصريحات لصحيفة محلية، إلى أنّ "الصناعي السوري يهمّه أن تكون عجلة الإنتاج مستمرة حتى يتمكّن من تصريف وتسويق منتجاته؛ لأنه لا يستطيع الاستمرار بتأمين رواتب العمال إذا لم تستمر عجلة الإنتاج ولو بحدودها الدنيا".
من جهته، أرجع الأكاديمي "شفيق عربش" الفوضى في ارتفاع الأسعار إلى القرارات والإجراءات الحكومية، موضحاً أنّ "العجز حكومي، وارتفاع الأسعار الذي يأتي هو نتيجة مباشرة وغير مباشرة لذلك".
وأضاف "عربش"، أنّ "رفع أسعار الكهرباء بنسب تصل تقريباً إلى نحو 700% بالنسبة للصناعيين والتجار سيكون له انعكاس على رفع الأسعار على المواطن".
أما بالنسبة للمواد المستوردة، فلا ينكر "عربش" أثر ارتفاع الأسعار العالمي، لكنه يشير في الوقت ذاته إلى أنّ "الحكومة تغالط نفسها وتعتقد أنّ الإنتاج الزراعي والحيواني والصناعي ما زال على ما هو عليه".
وزادت نسبة تصدير غذاء السوريين، بعد فتح معبر نصيب مع الأردن، وهو ما يراه مراقبون سبباً إضافياً لنقص معروض السلع الاستهلاكية وارتفاع أسعارها.
وبحسب مصادر رسمية سورية، فقد زادت إيرادات معبر نصيب الحدودي عن 84 مليار ليرة سورية، منذ بداية العام الحالي، بعد زيادة حركة الشحن، بالمقارنة مع عام 2020، مقدرة عدد الشاحنات التي تمر عبر معبر نصيب الحدودي المقابل لمعبر جابر من الطرف الأردني بنحو 200 شاحنة يومياً.