3 مشاكل جوهرية يعاني منها الاقتصاد السوري ولن يحلها رفع الرواتب مهما كان حجمه

زاد الحديث في الشارع السوري خلال الفترة الأخيرة عن موضوع رفع الرواتب، وكان هذا الحديث مدعومًا بترويج إعلامي ووعود حكومية غير مباشرة بتطبيق زيادة قريبة على الرواتب مستقبلًا.

ولا ننكر أن مجرد الحديث عن زيادة الرواتب قد ترافق مع قرارات صارمة من جهة تقنين الدعم ورفعه حتى عن بعض الشرائح والقطاعات؛ إذ اعتبرت الحكومة على لسان رئيس وزرائها أن 25% من الشعب السوري يندرجون ضمن الشريحة غير المستحقة للدعم.

وقد كان حديث أغلب وسائل الإعلام والناس عن المقدار الذي يجب أن يصبح عليه الراتب؛ في حين أنهم نسوا مشاكل أخرى جوهرية لن تُحَل بزيادة الراتب مهما كان حجم هذه الزيادة...

أولًا: التضخم والركود التضخمي

في الواقع إن أي زيادة على الراتب بدون خطة اقتصادية محكمة مترافقة مع تغييرات جوهرية في العقلية التي تدير اقتصاد البلد لن تؤثر على التضخم والغلاء إلا بالارتفاع والخروج عن السيطرة أكثر وأكثر.

فالتجار يخسرون مسبقًا بالنسبة للعديد من السلع، والقطاعات الخاصة والعامة تتحمل بالفعل خسائر كبيرة تفوق أسعار الكلفة في أمور عديدة؛ لذلك فإنهم سيجدون زيادة الرواتب فرصة سانحة لتعويض هذه الخسارة، والناس سيفاجؤون فورًا بارتفاعٍ جديد لسعر كل شيء تقريبًا، ومع تضاؤل قدرتهم الشرائية أكثر وأكثر سيعزز ذلك من الركود التضخمي.

ثانيًا: عدم توفر المواد الأساسية

مهما زادت الرواتب، ما الفائدة إذا كان الحصول على المحروقات والخبز واحتياجات الحياة الأساسية لا يتم إلا بشق الأنفس...؟

نحن لا نتحدث على مستوى الفرد فحسب، بل إن الطامة الكبرى هنا هي على مستوى الشركات والمنشآت الصناعية؛ فهذه الأخيرة بحاجة إلى مواد أولية ومحروقات للعمل بشكل سليم وتحريك اقتصاد البلد، وإلا فإن حال الميزان التجاري المصاب بالعجز سيبقى مختصرًا في عبارة واحدة يقولها عامة الناس في سوريا: "مكانك راوح".

وتوفر المواد الأساسية لا يقصد به هنا أن يتمكن الناس من الحصول عليها عبر البطاقة الذكية كل شهر بدلًا من كل 3 أشهر، بل أن تكون متوفرة في الأسواق بسعر مضبوط ومقبول وبكميات كافية.

ثالثًا: غياب الخدمات الهامة والبنية التحتية الهشة

في حال تجاوزنا مشكلة التضخم، واعتبرنا أنه قد تم توفير المواد الأساسية بشكلٍ أو بآخر، فإن هذه المشكلة هي الأهم بين كل ما سبق.

الخدمات الضرورية لكي يسير الإنتاج والاقتصاد بالحد الأدنى وليس بالشكل المقبول، كالكهرباء والماء والإنترنت، هي غائبة أو رديئة للغاية في كثير من مناطق سوريا، وذلك بسبب بنية تحتية هشة تحتاج ربما لمئات ملايين الدولارات من أجل إعادة إصلاحها.