الصين تبدأ جولة أخرى في حربها مع الأثرياء والشركات... علي بابا في عين العاصفة
بدأت الصين خلال المرحلة الماضية ما بات أشبه بـ "حرب مع الأثرياء والشركات العملاقة"، وذلك في إطار تحقيق مشروع "الرخاء المشترك" ومكافحة الاحتكار، الذي تدّعي أنه سيوزع الثروة بشكل عادل بين السكان.
وقد كانت بداية التحركات الجدية في هذا الصدد قبل بضعة أشهر، ثم جاءت أزمة الطاقة وأزمة العقارات التي ألهتها قليلًا؛ لكن يبدو أنها عادت اليوم للسير مجددًا في نفس الطريق.
في التفاصيل، فقد فرضت إدارة الدولة الصينية لتنظيم السوق، يوم أمسٍ السبت، غرامة بحق مجموعة علي بابا (Alibaba Group)، وشركة تينسنت القابضة (Tencent Holdings)، وشركة بايدو (Baidu)، بقيمة 21.5 مليون يوان (3.4 ملايين دولار)، في أحدث جولة من العقوبات والإجراءات الصارمة من أجل حرية المنافسة ومنع الاحتكار.
وقالت الإدارة المعنية بمراقبة حرية المنافسة إنه يتعين على الشركات الثلاث أن تدفع 500 ألف يوان (78 ألف دولار) مقابل كل واحد من 43 انتهاكًا تتعلق بمكافحة الاحتكار.
في الواقع، إن الأمر لا يتعلق بحجم المبلغ الذي يُطلب من هذه الشركات دفعه بقدر ما يتعلق بأنها باتت تقف على أرضية هشة، مما يتسبب بتآكل سمعتها في الأسواق العالمية وجعلها عرضة لهجمات المنافسين في الدول المتقدمة.
وأعلن الرئيس الصيني "شي جين بينغ" في مارس/آذار الماضي عزمه ملاحقة شركات "المنصات" التي تجمع البيانات بهدف الاحتكار.
وعززت بكين عمليات الإشراف والمراقبة على مكافحة الاحتكار في القطاع الخاص الواسع في الصين، وبشكل خاص في العالم الافتراضي.
وكانت الحكومة الصينية ألغت ما كان سيشكل اكتتابا عامًا قياسيا لأسهم ذراع علي بابا المالية "مجموعة آنت" (Ant Group) وغرّمت علي بابا مبلغا قياسيا قدره 2.8 مليار دولار إثر ممارسات اعتبرت منافية للمنافسة.
كما جرى تغريم التطبيق الرائد في توصيل الطعام "ميتوان" (Meituan) 533 مليون دولار الشهر الماضي لانتهاك قواعد مكافحة الاحتكار.
هبوط كبير في أرباح "علي بابا":
أعلنت شركة علي بابا، يوم الخميس المنصرم، أن أرباحها في الفصل الماضي تراجعت بنسبة 81% على وقع استهداف السلطات شركات التكنولوجيا العملاقة.
وأفادت علي بابا بأن أرباحها بلغت 5.37 مليارات يوان (833 مليون دولار) للفترة ما بين يوليو/تموز وسبتمبر/أيلول، مقارنة بمبلغ 28.77 مليار يوان حققتها في الفترة ذاتها من العام الماضي.
وتمثّل عائدات علي بابا مقياسًا هامًا لأداء كبرى الشركات في البلاد في ظل تحرّك الحكومة للجم شركات التكنولوجيا العملاقة.
انقلاب مفاجئ:
كان الحزب الشيوعي الحاكم في الصين يعتمد على هذه الشركات في الماضي للدفع قدمًا بمسار التحول الرقمي في البلاد.
لكنه فجأةً انقلب على القطاع، منذ العام الماضي، فيما ازداد القلق حيال أمن البيانات وتوسّعه الكبير واتهامه بممارسات احتكارية، وهو ارتياب مشابه لذاك السائد في الولايات المتحدة وبلدان أخرى حيال شركات التكنولوجيا. وقد كانت علي بابا بين أوائل الشركات المتأثرة بالتحرك.