رغم استقرار سعر الصرف... قدرة الليرة السورية الشرائية تنخفض بوتيرة مخيفة
في السنوات الماضية كنا نشهد تراجع أو تدهور القدرة الشرائية للناس وارتفاع نسب التضخم بشكل متزامن مع تراجع سعر صرف الليرة السورية. وذلك لأن السوق الموازية للعملة كانت – على الرغم من الضغوطات الهائلة المطبقة عليها – قادرة بشكل أو بآخر على أن تكون مرآة تعكس حالة الاقتصاد في البلد.
لكن المُلاحَظ في الفترة الأخيرة هو أمر مختلف، إذ تتضاءل القدرة الشرائية للعملة السورية بشكل يصفه البعض بالـ "مخيف"، رغم أنها محافظة على سعر صرف مستقر. وقد أرجع الخبراء سبب ذلك تحديدًا إلى السياسة "التخريبية" التي اتبعتها الحكومة للتضحية بأي شيء في سبيل الحفاظ على سعر الصرف تحت السيطرة.
في هذا الصدد، أكد الخبير الاقتصادي والمصرفي "عامر شهدا"، عدم وجود ما يطمئن حول نسب التضخم المتوقعة طالما أن القدرة الاستهلاكية تنخفض كل أسبوع 10%، ورأى أن انخفاض الإنفاق الاجتماعي يدل على وجود خلل في العقد الاجتماعي بين الحكومة والشعب ومن المفترض إعادة النظر به.
منافسة خاسرة مع السوق السوداء لم تجلب للشعب إلا المعاناة:
اعتبر "شهدا"، خلال حديثه إلى إذاعة "ميلودي"، أن "وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك دخلت لمنافسة السوق السوداء، وهذا يعد انتحارًا ولن تستطيع الوقوف أمامه أو إلغاءه"، وأوضح أن استيراد "السورية للتجارة" للزيت سيؤثر على تمويل باقي المستوردات، ويجب على الحكومة تقسيم موارد القطع بشكل متوازن لمنع حدوث اختناقات.
وانتقد "شهدا" عدم حساب الكمية الدقيقة التي تحتاجها السوق المحلية من المواد لتُمنح إجازات الاستيراد على أساسها، وهو ما ينتج عنه خلل يؤدي إلى تقسيم موارد القطع، كما حدث في استيراد الرز، حسب كلامه.
وبيّن أن وزارة الاقتصاد منحت إجازات لاستيراد 109 آلاف طن زيت نباتي خلال أول 8 أشهر من العام الجاري، وبعد حساب مخصصات البطاقة الذكية البالغة 3.6 ملايين بطاقة، إضافة إلى 400 ألف بطاقة للمطاعم والمنشآت التي تستخدم الزيت، يكون هناك نقص في المادة محلياً مقداره 150 مليون ليتر زيت أي 120 ألف طن.
وتساءل شهدا "هل السورية للتجارة أو مؤسسة التجارة الخارجية في وزارة الاقتصاد قادرة على تغطية هذا النقص؟، مضيفاً "وإن كانت المؤسسات تستطيع الاستيراد بهذا القدر، إذاً فلماذا لا تستورد الأعلاف والمواد الأخرى بدلاً من التجار؟".
وطالب صناعيون وتجار مؤخراً بإتاحة استيراد الزيت المعبأ أمام الجميع لتخفيض سعره محلياً، لكن وزير التموين اعتبر أن "إغراق السوق سيؤثّر على قيمة الليرة ويخفّض القدرة الشرائية للمواطنين ولن يخفض الأسعار" حسب كلامه، وسُمح فقط للسورية للتجارة" باستيراده جاهزاً معبأ.
ويبلغ الإنفاق المقدّر في موازنة العام المقبل 13.325 تريليون ل.س، وستتم تغطيته عن طريق الايرادات العامة المقدّرة بـ 9.2 تريليون ليرة، (مقسمة بين 4.4 تريليون اعتمادات جارية و4.8 تريليون إيرادات استثمارية)، ليقارب العجز 4.12 تريليون ل.س.
وستتم تغطية 600 مليار ليرة من العجز عبر سندات الخزينة، ونحو 500 مليون ليرة من موارد خارجية، والباقي ستتم تغطيته عن طريق مصرف سورية المركزي كاعتمادات مأخوذة من الاحتياطي لدى المركزي، بحسب كلام وزير المالية كنان ياغي.