أزمة المياه في العراق تبلغ حد الخطورة... وتهديدات بمحاسبة إيران أمام محاكم دولية
عبّر مسؤولون عراقيون، يوم الثلاثاء الماضي، عن تخوفهم إزاء التراجع الكبير لمنسوب نهر سيروان في شمال شرق العراق، بفعل قلة الأمطار والسدود التي نصبتها إيران خلف الحدود من حيث ينبع النهر، مما يؤثر على الزراعة والإنتاج الكهربائي في البلاد الغارقة بالأزمات.
ودفع التدهور الخطير في أوضاع الناس والبلاد وزير الموارد المائية العراقي "مهدي الحمداني" إلى التلويح بتقديم شكوى ضد طهران أمام محكمة العدل الدولية، بسبب استغلال نفوذها وسلطتها في العراق الذي يعتمد عليها لتأمين ثلث استهلاكه من الغاز والكهرباء.
قضية مستعصية وإيران هي الطرف الأقوى:
يشكل ملف المياه قضيةً مستعصية وتحدياً كبيراً في العراق الغني بالموارد النفطية، لكن ثلث سكانه الأربعين مليوناً يعيشون تحت خط الفقر، ويواجه موجات جفاف تزداد سوءاً عاماً بعد عام، علاوةً على انخفاض في معدلات هطول الأمطار.
إيران هي الأخرى تعاني من جفاف شديد، فقد عرفت العاصمة طهران هذا العام أسوأ جفاف منذ نصف قرن مع انخفاض نسبة الأمطار 97%. لكنها الطرف الأقوى في هذه المعادلة فتستغل نفوذها على العراق لتخفيف وطأة الأزمة.
وينبع نهر سيروان، أحد روافد نهر دجلة، من إيران ويغذي سدّ دربنديخان في محافظة السليمانية في إقليم كردستان، قبل أن يواصل مسيره إلى محافظة ديالى الزراعية، لكن مستواه انخفض كثيراً.
وقال مدير السد "رحمن خاني"، في حديثه مع وكالة أنباء عالمية: "هناك فرق في منسوب المياه بين العام الماضي وهذا العام بحدود 7 أمتار و50 سنتمتراً"، مشيراً إلى أنه "انخفاض غير مسبوق".
وأشار إلى أن ذاك الانخفاض يعود إلى "قلة الإيرادات المائية من المصادر الرئيسية للسد، ومن قلة هطول الأمطار والثلوج"، لكن أيضاً "بسبب إنشاء عدة سدود من الجانب الإيراني على روافد النهر وحجز المياه خلف السدود الإيرانية وتحويل مجرى النهر".
وشرح أن ما وصل إلى السد هذا العام من الواردات المائية هو 900 مليون متر مكعب، في حين أن معدل إيرادات السد السنوية خلال السنوات السابقة كان 4 مليارات و700 مليون متر مكعب.
واستطرد مؤكدًا أن الانخفاض تسبب بتقليل توليد الكهرباء بنسبة 30% مقارنة مع العام الماضي، مضيفاً أن لذلك أيضاً "تأثيرات كبيرة على الرقعة الزراعية في مناطق ديالى الذي تعتمد على مياه السد".
أما في إيران، فقد انخفضت مستويات البحيرات والأحواض المائية هناك إلى النصف بسبب الجفاف القوي الذي يضرب البلاد والمنطقة، وفق ما أفاد تقرير لوكالة الفضاء الإيرانية نقلته وكالة "مهر" للأنباء.
وقال التقرير إن "وكالة الفضاء قامت خلال الفصل الأول من هذا العام (أي بين 21 آذار/مارس و22 أيلول/سبتمبر وفق التقويم الإيراني)، بدراسة التغيرات في مستويات المياه في بحيرات 40 سداً كبيراً، وتبين أن نسبة المياه فيها انخفضت بين 10 و70%".
القضية لا تتعلق بالجفاف لعام واحد فحسب:
إن لملف المياه أهمية كبرى في العراق، لا سيما بسبب التغير المناخي والجفاف المتكرر وارتباط الأمر بملفات جيوسياسية متعلقة بتقاسم مياه نهري دجلة والفرات، خصوصاً مع تركيا وسورية وإيران.
وقدمت وزارة الموارد المائية طلباً لوزارة الخارجية العراقية من أجل تقديم شكوى ضد إيران، لمخالفتها "الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة للأنهر غير الملاحية العابرة للحدود لسنة 1997"، وفق المتحدث باسم وزارة الموارد المائية عون ذياب.
في المقابل، رفضت وزارة الخارجية، في اتصال مع وكالة أنباء عالمية، التعليق على المسألة.
في هذه الأثناء، قال المتحدث باسم وزارة الموارد المائية إن الملف "ما زال معلقاً". وأضاف أن "القرار بيد الحكومة، هي التي تتخذ القرار المناسب"، مضيفاً "هذا القرار سياسي وليس فنياً". وأشار إلى أن محافظة ديالى تعاني من وضع "حرج" بعدما انقطعت "مياه نهر سيروان بالكامل".
البلد الخامس الأكثر تأثرًا بالتغير المناخي في العالم:
مع تراجع الأمطار والجفاف، بات العراق البلد "الخامس في العالم" الأكثر تأثراً بالتغير المناخي، كما أعلنت وزارة البيئة العراقية أخيراً.
وفي شهر آب/أغسطس، حذرت العديد من المنظمات غير الحكومية من أن 7 ملايين شخص مهددون بالحرمان من المياه بسبب عدم إمكانية الوصول إلى الأنهار أو بسبب الجفاف.
وكانت السلطات العراقية قد أعلنت، منتصف تشرين الأول/أكتوبر، أن الجفاف وقلة المياه سترغم العراق على تخفيض مساحته الزراعية إلى النصف في موسم شتاء 2021-2022.
وأعلن المتحدث باسم وزارة الزراعة العراقية حميد النايف لوكالة الأنباء العراقية الرسمية، أنه "تمَّ استبعاد محافظة ديالى من الخطة الزراعية نتيجة قطع الروافد المائية من الجانب الايراني".