النجاة قبل الإفلاس... تكنولوجيا جديدة تتعلم كيف يحدث الفشل المالي وتحذر منه مبكرًا
يولي خبراء الاقتصاد حول العالم في أبحاثهم أهمية كبيرة لدراسة النكسات الاقتصادية وإفلاس الشركات والأعمال، ذلك أن أحد أهداف دراسة علم الاقتصاد الجوهرية هي الوصول إلى نظام مالي قويم ومستقر. لكن هذه الدراسات عادةً ما تبقى بشكل نظري بالاعتماد على بيانات ومؤشرات وتنبؤات عديدة لتحليل الأداء الاقتصادي والخروج بتوقعات قد تصيب وقد تخطأ.
المشكلة هنا أن الدراسات الاقتصادية ليست بتلك السهولة دائمًا، فقد يتطلب الأمر في بعض الأحيان تحليل كميات ضخمة من البيانات بشكل يتجاوز قدرة العقل البشري على المعالجة.
وهنا أتت فكرة إدخال الذكاء الاصطناعي إلى هذا المجال، وفي هذا السياق، طوّر فريق من الباحثين من كلية "إتش إس إي" لإدارة الأعمال في روسيا، وسيلة جديدة للتنبؤ بإفلاس الشركات، باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.
نظام قادر على تعلم أخطاء الماضي:
يعتقد الباحثان "يوري زيلينوف" و "نيكيتا فولودارسكي" أن التنبؤ بإفلاس الشركات يندرج في إطار عملية تصنيف، أي تحديد ما إذا كان مشروع معين تتحقق فيه اشتراطات النجاح والاستمرار في العمل خلال فترة معينة أو لا.
وفي إطار الدراسة التي نشرتها الدورية العلمية "إكسبرت سيستمز ويذ أبليكيشن" (Expert Systems with Applications)، قام الفريق البحثي بتحميل مجموعة من السجلات التاريخية التي تتعلق بعدد من الشركات الناجحة والفاشلة، مع تدريب منظومة الذكاء الاصطناعي على استخدام سلسلة من مؤشرات الأداء لقراءة هذه السجلات واستنباط النتائج، ثم تطبيق نفس المعايير في حالة أي شركة جديدة من أجل التنبؤ بمسارها في المستقبل.
ولتبسيط الأمر، فما يحدث هنا أننا نقوم بتزويد الحاسوب بذخيرة هائلة من المعلومات، ونعلمه كيفية تحليلها وتمييزها، ومن ثم يقوم هذا النظام بمقارنة المعلومات التي حصل عليها مع تجارب حاصلة في الوقت الحاضر، ليقرر بناءً على ذلك فيما إذا كان مشروعك أو عملك معرضًا للإفلاس أم لا.
ونقل الموقع الإلكتروني "تيك إكسبلور" (Tech Xplore) عن الباحث "يوري زيلينسكي"، قوله "لقد استطعنا ابتكار معادلة خوارزمية وتدريبها بناء على بيانات غير متوازنة، من أجل القيام بتنبؤات أكثر دقة من الوسائل التقليدية المعمول بها حاليا".
وأضاف "هذه التقنية تعتمد بشكل حصري على المؤشرات المالية للشركات، ويظل من الممكن الاعتماد على نتائجها حتى في الظروف العصيبة مثل جائحة كورونا على سبيل المثال".
واللافت هنا، أن الباحثان استطاعا جعل هذا النظام يتعامل مع حالات جديدة خارج خبرته المتركزة في قاعدة البيانات، أي أنه يستخدم البيانات القديمة في توقع نتائج وحلول لمشاكل جديدة لم يُعلّمْها من قبل.
وأعرب "زيلينسكي" عن اعتقاده أن هذه المنظومة الجديدة سوف تحل في المستقبل بدلا من الوسائل الحالية لتقييم أداء الشركات، مؤكدا أنها لا تركز فقط على إفلاس الشركات، بل يمكن استخدامها لتنفيذ مختلف أنواع التقييمات الاقتصادية.