نسبة 40% من العراقيين تحت خط الفقر ضمن أغنى بلد بالثروات في المنطقة
يمتلك العراق دون كل بلدان المنطقة كمية لا يستهان بها من الموارد الطبيعية التي يمكنها أن تدر إيرادات ضخمة على البلاد لو تم استغلالها بالشكل الصحيح، وتجعل من المواطن العراقي الأعلى دخلًا في العالم.
غير أن الواقع هناك يخالف المتوقع من المعطيات النظرية، حيث يوجد نحو 40% من العراقيين البالغ تعدادهم أكثر من 40 مليون نسمة تحت مستوى خط الفقر، بحسب تقرير للبنك الدولي في عام 2020.
الاقتصاد العراقي قبل النفط:
قبل اكتشاف النفط الخام في العراق بداية القرن الماضي، كان قطاع الزراعة يشكل نحو 30% من حجم الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، في حينها كان الاقتصاد الوطني يتمتع ببنية متينة، حسب الباحث الاقتصادي "أحمد عبد ربه".
ويشرح "عبد ربه" في حديثه لوكالة إعلام عربية، أن النفط الخام بدأ يسيطر على جميع موارد الدولة منذ اكتشافه، ولغاية الآن صار "اللعنة الأزلية" على الشعب العراقي، خصوصًا وأن الحكومات المتعاقبة على البلاد لم تضع أي بدائل اقتصادية، في حين أن الكثير من دول العالم بدأت بمغادرة النظام الريعي والذهاب تجاه اقتصاد السوق المفتوح أو الاقتصاد الزراعي والصناعي.
وبخصوص الخطط الاقتصادية الحكومية في العراق بعد عام 2003، يقول "عبد ربه" إنها لم تجدِ نفعا، مفسرًا ذلك بعدم وجود إرادة داخلية، واعتبر أنه إذا تعرضت أسعار النفط لنكسة كما حدث العام الماضي فإن الحكومة تعجز عن تسديد رواتب القطاع العام والوفاء بالالتزامات الأخرى.
نظام اقتصادي سيء بكل معنى الكلمة:
يشرح الباحث الاقتصادي "مقدام الشيباني" أن النظام الاقتصادي الموجه الذي يدير الحياة الاقتصادية في العراق أدى لعدم الاستغلال الأمثل للثروات، وأوقف عجلة تنمية في قطاعات الصحة والتربية والتعليم والصناعة وقطاعات أخرى.
ويعتقد "الشيباني" أن النظام الاقتصادي الحر الذي يقوم على عدم تدخل الدولة في عجلة الحياة الاقتصادية سيكون تطبيقه في العراق أفضل.
وأوضح أنه في النظام الحر يمكن للشعب إيجاد بدائل للعيش والتنمية غير الاعتماد على الحكومة، وذلك بالعمل في مجالات الزراعة والصناعة التحويلية والصناعات الغذائية والاتجاه نحو تنمية القطاع السياحي.
مطامع لدول خارجية:
اعتبر المنسق العام لشبكة الاقتصاديين العراقيين الدكتور "بارق شبر" أن المشكلة الهيكلية في العراق تتمثل في أن الثروات الكامنة التي يزخر بها العراق ولم تُستغل بعد تعتبر مطامع لدول خارجية.
وأوضح مثالا على ذلك بأن هناك كميات ضخمة من المعادن في الصحراء الغربية والغاز الطبيعي والغاز المصاحب وحتى الأراضي الصالحة للزراعة.
واعتبر شبر في حديث لوكالة "الجزيرة" التي التقت معه أن "الثروات المستغلة ليست وفق المنطق الاقتصادي والإداري"، مطالبا بوضع خطط للتوزيع الأمثل لاستغلال هذه الثروات المختلفة لتحقيق أكبر فائدة اقتصادية.
ويؤكد المنسق الاقتصادي على أهمية تبني سياسة تنظيمية لنوعية النظام الاقتصادي، وكيفية إدارته الرشيدة عن طريق اختيار السلطة التشريعية والتنفيذية للأطر القانونية ونظام الحوافز للأنشطة الاقتصادية التي تخلق ديناميكيات اقتصادية تحقق معدلات نمو عالية تفوق معدلات نمو السكان بكثير.
استغلال لصالح فئات على حساب حرمان الشعب:
يتبادل سياسيو العراق الاتهامات بوجود حالة استغلال لثروات البلاد من قبل جهات حزبية وفصائلية مسلحة من أجل تحقيق مصالح على نطاق ضيق.
ويقول عضو من أحد الأطراف المعتبرة سياسيًا في الساحة العراقية، إن أغلب الكيانات السياسية والحزبية، والبعض منها يمتلك السلاح، هي بحاجة ماسة إلى موارد مالية من أجل ضمان ديمومة وجودها في الساحة العراقية، فتستغل خيرات البلاد دون معرفة أو دون التنسيق مع الحكومة.
ويؤكد على ضرورة ذهاب الدولة العراقية إلى الخيار الأمثل، وهو تجفيف المنابع المالية لهذه الكيانات التي تهدد المنظومة الاقتصادية والمجتمعية عن طريق النفوذ والسلاح في العراق.