الأغنياء الخائفون... تقنيات وملاجئ غريبة يخبئها أثرياء العالم لحمايتهم من المجهول
دفعت مخاوف الكوارث والهواجس العديدة التي يحملها الأثرياء من سيناريوهات الحروب والآفات وما شابه إلى إنشاء "سيرفايفال كوندو" (Survival Condo)، وهي صومعة عسكرية سابقة تحولت إلى مجمع سكني فاخر يوفر للأثرياء والأقوياء في العالم فرصة لما يدعون أنه "التأمين على الحياة النهائي".
وقد سمى البعض هذا المكان الذي يوفر مزيج مثالي من المأوى والأناقة والتكنولوجيا بـ "مخبأ نهاية العالم".
الوقاية من الشتاء النووي:
يحتوي "سيرفايفال كوندو" على الكثير من التجهيزات المعروفة للملاجئ. إنه تحت الأرض على عمق نحو 61 مترا، في وسط ريف على بعد نحو 322 كيلومتر من مدينة كنساس.
تم بناؤه خلال الحرب الباردة (كمرفق لإطلاق الصواريخ النووية)، كما تم تعديله بجدران خرسانية مسلحة بسمك 2.7 متر مصممة لتحمل كل شيء من الأعاصير إلى الرؤوس الحربية النووية التي تزن 12 كيلوطنًا (الكيلوطن يعادل ألف طن) وتسقط على بعد 800 متر من الملجأ.
يعتبر الشتاء النووي هو الكابوس العالمي الذي أصبح هاجسًا في خيال الكثير من الناس، حيث تستمر درجات الحرارة الشبيهة بالعصر الجليدي لسنوات، ويهلك السكان والحياة كما نشاهد في أفلام الخيال العلمي، وهو ما شجع بعض الأثرياء لبناء هذا الملجأ.
ويقول "براين تون"، أستاذ علوم الغلاف الجوي والمحيطات في جامعة كولورادو، بشأن الآثار العالمية للحرب النووية إذا ما حدث وسقط سلاح نووي وزنه 100 كيلوطن "إذا قطعت مسافة ميل أو نحو ذلك، فإن موجة الضغط شديدة لدرجة أنها ستنسف المباني الخرسانية، وفي مكان ما في تلك المنطقة هناك انفجار من الإشعاع… ونصف الأشخاص المعرضين لذلك يموتون على مدى أسبوع أو أسبوعين بسبب الحروق الإشعاعية على جلدهم والتسمم الإشعاعي".
يقول "تون" إن انفجارا نوويا يشبه "إحضار قطعة من الشمس إلى الأرض"، ويسبب ذلك النوع من الانفجارات في حدوث حرائق ضخمة، تدفع هذه الحرائق كميات هائلة من الدخان إلى أعلى طبقة الستراتوسفير. ولأنها لا تمطر أبدا في الستراتوسفير، لا يمكن لضوء الشمس الوصول إلى الأرض مما ينتج عنه فصل الشتاء النووي.
حكر على الأغنياء فقط:
في الواقع إن السبب الرئيسي لوجود سيرفايفال كوندو، هو الحماية من دمار الحرب النووية العالمية، ولكن ليس لأي شخص، فلا يمكنك أنت وعائلتك الاختباء في أحد هذه الوحدات ومتابعة نهاية العالم دون دفع مبلغ مليون دولار في البداية، بالإضافة إلى 2500 دولار شهريا لتغطية نفقات معيشتك من الكهرباء والمياه والإنترنت وجميع الطعام المعلب الذي قد تحلم به، للتأكد من أن أقوى وأغنى الناس في العالم يمكنهم العيش براحة، بدلا من الارتعاش في برد الأراضي القاحلة، في انتظار مصيرهم المحتوم.
تصميم المبنى:
من الخارج لا يبدو المبنى جميل التصميم؛ حارس خلف سياج من الأسلاك الشائكة وتوربينات رياح تدور بهدوء في النسيم، وكاميرات المراقبة الموضوعة بعناية، وبابان يبلغ وزنهما ٨ أطنان في قبة ضخمة في داخلها واحد من أفخم المجمعات السكنية التي قد تجدها.
يتكون المبنى من 15 طابقا وبعمق 61 مترا تحت الأرض. على المستوى العلوي، توجد قبة واسعة تضم المدخل الرئيسي ومرافق الترفيه الجماعية، هذا هو المكان الذي ستجد فيه حديقة الحيوانات الأليفة وجدار التسلق والمسبح (كامل مع زلاقة مائية).
تحت القبة، تحتوي الصومعة الأسطوانية على 14 طابقاً أخرى، الطوابق الثلاثة الأولى هي المكان الذي ستجد فيه الغرف الميكانيكية، والمرافق الطبية ومخزن الطعام (كامل مع الزراعة المائية الكاملة وإعداد تربية الأحياء المائية)، يليه ٧ مستويات من الشقق السكنية.
في الأسفل، تحتوي الطوابق الأربعة الأخيرة على الفصول الدراسية والمكتبة وسينما ومقهى وغرفة تمرين (مع ساونا).
غرفة للتطهير الإشعاعي:
يوجد بجانب غرفة الدخول الرئيسية (التي تعمل كموقف سيارات محمي إذا كان السكان بحاجة إلى تفريغ مركبتهم أثناء الإغلاق) غرفة التطهير الإشعاعي، فالمواد الكيميائية الموجودة هنا يمكن أن تعتني بكل شيء، حبوب اليود لعلاجك من الإشعاع، وعدادات جيجر لكشف الإشعاع، ومواد كيميائية خاصة لاستخراج كل من الملوثات البيولوجية والإشعاعية منك.
يقول "لاري هول"، مالك سيرفايفال كوندو عن غرفة التطهير "إذا كانت هناك أعمال شغب أو نقص في الغذاء، فهذا شيء طبيعي"، في إشارة إلى نوع من حالات الطوارئ التي قد تحدث في نهاية العالم. "ولكن ماذا لو كان هناك إشعاع بسبب قنبلة قذرة؟ يجب عليك الذهاب إلى هذه الغرفة".
يمكن أيضا بواسطة تقنيات خاصة في الغرف تنظيف الرماد البركاني من الهواء في حالة انفجر بركان وتسبب بنهاية العالم.
مدرسة وحواسيب وشبكة إنترنت:
في الطوابق الأخيرة حيث توجد السينما وصالة الألعاب الرياضية وغرفة الساونا. توجد المدرسة المجهزة بالحواسيب الحديثة وشبكة الإنترنت.
ويقدم المشتري لقسم أو وحدة في الملجأ قائمة باهتماماته وهواياته من النجارة والحياكة إلى البرمجة وبناء الروبوتات، حيث يغذي "هول" وفريقه هذه المعلومات لحواسيب تقوم بتنزيل وتخزين المعلومات ومواقع الويب لكل مقيم.
يقول "هول" مالك الملجئ: "في حالة وقوع كارثة حيث تتعطل الإنترنت، سننزل الكثير من المعلومات الطبية ومعلومات البقاء والهوايات لسكاننا حتى يتمكنوا من استخدام محرك البحث الخاص بهم".
ضمان لراحة سكان الملجأ:
بعد التجول في المرافق المشتركة، يمكنك أن تلقي نظرة داخل الشقق نفسها. وهي ليست غرف صغيرة بل وحدات أشبه بمجمع سكني جديد في سان فرانسيسكو أو مانهاتن. المطابخ مليئة بالأجهزة المصنوعة من الفولاذ المقاوم للصدأ، وثلاجة وطباخ. هناك أرائك جديدة وطاولات قهوة وأسرّة لم يمسها أحد.
من ماذا يخاف أغنياء العالم؟
يشير "هول" إلى أن قائمة المخاوف المحتملة تشمل العديد من الأشياء، من ضمنها عاصفة رملية أو تسونامي وزلازل المحيط الهادئ أو الأعاصير في تكساس وربما تغير المناخ العالمي أو نقص الغذاء أو أعمال شغب نتيجة الانهيار الاقتصادي، أو تأثير اصطدام نيزك وغيرها الكثير.
ويقول "إذا كانت هذه هي الأشياء التي تزعجك، فهذا هو النوع من التسهيلات التي تحتاجها لكيلا تقلق".