أكبر عملية نصب تعرض لها العرب... قصة الرجل الذي خدع الإمارات ليكسب أموال هائلة
نسمع بين الحين والآخر عن عمليات نصب احترافية على مستوى الأفراد والشركات والدول، لكن هذه القصة بالتحديد كان لها طابع مختلف...
تدور هذه القصة حول رجل الأعمال الهندي الشهير المعروف اختصارًا بـ "بي آر شيتي"، وهو صاحب إمبراطورية مالية ممتدة في الإمارات ومصر والهند ومسجلة في البورصات العالمية، من أهم أعمدة إمبراطوريته كانت مجموعة مستشفيات NMC والإمارات للصرافة UAE Exchange.
جاء "شيتي" – البالغ من العمر الآن 78 عامًا – إلى الإمارات في سبعينيات القرن الماضي، ولم يكن يحمل معه سوى 8 دولارات، ثم أصبح بالتدريج أحد أكبر أثرياء الهند والشرق الأوسط.
سرق "شيتي" بشكلٍ أو بآخر 12 بنكًا إماراتيًا وعرّضها للإفلاس، ليفر بعدها إلى الهند تاركًا وراءه قروض بقيمة 24 مليار درهم، أي ما يعادل 6.6 مليار دولار. لذلك فقد اعتبر الأمر على أنه أكبر عملية احتيال في تاريخ العالم المنطقة الحديث، وكان ما فعله كفيلًا للتسبب بهزة اقتصادية كبيرة في الإمارات وانهيار العديد من الأسواق الإماراتية.
القصة بدأت بتغريدة على تويتر:
كان الملياردير الهندي يسافر على متن طائرته الخاصة، ويلتقي بأصدقائه من مشاهير الأثرياء متباهيًا بعشقه للسيارات الكلاسيكية وحياة البزخ، وآخذًا ضيوفه إلى جولة في طابقين يمتلكهما ببرج خليفة في دبي، أعلى برج في العالم... هكذا عرضه موقعه الشخصي الذي كان ينشر صور له وهو يتبادل المزاح مع مشاهير السينما والسياسة والأعمال.
وفجأةً في شهر آب/أغسطس عام 2019، تغير كل شيء حينما جاء في تغريدة غامضة على موقع تويتر: "مادي ووترز الآن في فترة تعتيم حتى الغد الـ 8 صباحا بتوقيت لندن، حيث سنعلن عن تقرير قصير يتضمن فشلاً حسابياً محتملاً يمكن أن يؤدي لأزمة سيولة، المستثمرون متفائلون بشأن هذه الشركة، نحن لسنا كذلك".
الجدير بالذكر هنا أن "مادي ووترز" هي شركة أبحاث مثيرة للجدل يديرها المضارب في سوق الأسهم "كارسون بلوك"، الذي يدرس الشركات المدرجة لرصد أي عمليات احتيالية أو مشبوهة، ثم يقوم بالمراهنة على انهيار سعر سهمها قبل أن يصدر تقريرًا يكشف فيه ما وجده من معلومات تؤدي لانهيار فوري يحقق له أرباحا طائلة.
وفي ذلك اليوم عندما نشرت "مادي ووترز" تغريدتها الغريبة التي لم تذكر بها اسم الشركة المقرر استهدافها، انخفضت أسهم أشهر شركات "شيتي" المعرفو باسم (إن.إم.سي هيلث) بشكل كبير ومفاجئ.
ثم استطردت "مادي ووترز كابيتال": "غردنا بتعليق غير ضار حول نيتنا بدء حملة في اليوم التالي على شركة مدرجة في لندن دون أن نسميها. حدث انخفاض شركة إن.إم.سي هيلث بشكل ملحوظ بعد التغريدة، كان ذلك مؤشرا قويا جدا على أن السوق يعرف أن شيئا ما ليس على ما يرام في الشركة، لذلك ألقينا نظرة…".
عندما انقلبت الطاولة على المحتال:
بعد 4 أشهر أصدرت "مادي ووترز" تقريرا مفصلًا فجر سلسلة من المفاجئات الصادمة للدائنين في الإمارات وحول العالم، وباتت شركة "إن.إم.سي هيلث" متهمة بتزوير الحسابات، وتواجه تهم الاحتيال، ثم جرى وقف تداول أسهمها في البورصة سريعًا، بعد انخفاض قيمتها بأكثر من النصف.
وكشف تحقيق خاص أنها كانت تخفي ديونا بمقدار 4.5 مليار دولار في عام 2019، واكتشفت شركة الخدمات المالية "فينابلر" التابعة للملياردير النصاب "لشيتي" أيضُا، وهي شركة مدرجة في بورصة لندن وتمتلك شركة "الإمارات للصرافة"، أنه قد تم إصدار شيكات بقيمة 100 مليون دولار دون علم مجلس الإدارة.
بعد كشف اللعبة التي كان يديرها "شيتي" استقال كبار التنفيذيين في الشركتين أو تم فصلهم، واستقال "شيتي" من منصبه كمدير ورئيس غير تنفيذي لشركة "إن إم سي هيلث"، لتلاحقه التهم الجنائية وقضايا المحاكم في كل مكان.
وأصبحت "إن إم سي هيلث" تدين بالمال لأكثر من 80 مؤسسة مالية، بمجموع ديون يقدر بـ6.6 مليار دولار، ثلثها يعود لبنوك وشركات إماراتية.