الاستيقاظ على كارثة فيسبوك... أحد المقربين من زوكربيرج يكشف معلومات لافتة

في هذه الأثناء، بسبب وسائل التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها فيسبوك، لن يمكن لأحدنا إنكار أن العالم بات يبدو مختلفًا بشكل كبير عما كان عليه قبل 20 عامًا. فيس بوك تجاوز كونه موقعًا للتواصل والمحادثة وأحدث تأثيرًا دائمًا في الطريقة التي يتواصل بها البشر.

ورغم أن مواقع التواصل الاجتماعي ساعدت بالفعل في جعل العالم قرية صغيرة، إلا أنها كان لها تأثيراتها السلبية على العديد من مناحي الحياة، وهو الأمر الذي جعل المستثمر "روجر ماكنامي"، والذي كان من المستثمرين الأوائل في شركة "فيسبوك"، ينقلب على الشركة، ويصدر كتابه الشهير "زوكيد.. الاستيقاظ على كارثة فيسبوك".

في كتابه المذكور، يشرح "ماكنامي" عن الشركة من وجهة نظر شخص يعرفها جيدًا من الداخل، حتى أنه تحدث بصراحة عن تهديد الشركة للمبادئ الأساسية للديمقراطية التي تتغنى به، ويقظته وإدراكه لهذه المخاطر.

ويتناول "ماكنامي" بالتدريج قصته مع فيسبوك، حيث يتحدث في البداية عن المناسبات الأولى التي جمعته مع "زوكربيرج"، حين كان عمر الأخير 22 عامًا، ووصفه له بأنه كان ناضجًا بشكل كبير بالنسبة لعمره.

يعلق "ماكنامي" على هذه اللقاءات قائلاً: "أحببت زوكربيرج، وأحببت الفريق، وأحببت فيسبوك"، لكن بحلول موعد الانتخابات الرئاسية عام 2016 تغير كل شيء، وذلك بعد نشر المنصة أخبارًا كاذبة خلال الانتخابات.

كتب "ماكنامي" في مذكرة إلى "زوكربيرج" و "شيريل ساندبرج" كبيرة مسؤولي التشغيل في الشركة: "أشعر بخيبة أمل، أنا محرج، وأشعر بالعار"، ولخص الخطأ الذي حدث وشعوره تجاهه بعبارة: "تمكنت منصة فيسبوك من ربط 2.2 مليار شخص ببعضهم البعض، وتفريقهم في الوقت نفسه".

يتناول "ماكنامي" في كتابه فضيحة "كامبريدج أناليتيكا"، والخاصة بتسريب بيانات الملايين من مستخدمي "فيسبوك" دون موافقتهم، لأغراض الدعاية السياسية، وأشار "ماكنامي" إلى ثقافة الشركة التي تسببت في كل هذه الفوضى، والعمل الذي قام به، محاولاً تنبيه الأشخاص المؤثرين لاتخاذ إجراء لإصلاح الأمور.

يؤكد "ماكنامي" أن "زوكربيرج" بمجرد أن أدرك أن منصته تتمتع بالتأثير والقوة، حتى أصبح يتبع هو وفريقه استراتيجية تسريع النمو، فبات كل ما يهمه هو تسريع النمو، والوقت الذي يستغرقه المستخدمون على الموقع والإيرادات.

وهكذا مع الوقت، أصبحت الشركة تتعامل مع المستخدمين كأرقام، وليس كأشخاص، ومع نمو الشركة، كان من المستبعد أن تتحمل الشركة المسؤولية المدنية. ويشرح "ماكنامي" كيف أن نموذج العمل الذي تعمل شركة "فيسبوك" وفقه، يجعل هناك مركزية في اتخاذ القرارات، إذ يتحكم "زوكربيرج" في نحو 60% من أسهم التصويت في الشركة، مما يمنحه سلطة كبيرة.

رغم أن هناك فريقًا مكونًا من عشرة أشخاص يديرون الشركة، إلا أن "زوكربيرج" و "ساندبرج" هما من يتحكمان في كل شيء، وفي أغلب الأحيان يمكن اختزال هيكل القيادة في شخص واحد بكل نقاط قوته وضعفه.

يؤكد "ماكنامي" في النهاية أهمية منح الأشخاص سيطرة على بياناتهم، وإقناع السلطات الأمريكية بإعادة صياغة قوانين منع الاحتكار، واتخاذ بعض الإجراءات.

فيسبوك تستمر بإثارة الجدل:

تورطت شركة فيسبوك بالعديد من القضايا الحساسة مؤخرًا، تسبب آخرها بحملة نتج عنها انخفاض تقييم التطبيق في متجر "جوجل بلاي" و "آبل ستور" إلى مستويات غير مسبوقة. وقبل ذلك كانت فضيحة التدخل بالانتخابات، التي كُشف معها الوجه الحقيقي للشركة وفقًا لرأي العديد من الناس. ناهيك عن الجدل الذي سببه تطبيق واتسآب التابع للشركة في أعقاب التلويح بتغيير سياسات الخصوصية.

لكن كل هذه المشاكل والقضايا الحساسة التي دخلت بها فيسبوك لم تردعها عن الاستمرار في مسارها ذاته، ولم تؤثر على نموها وتوسعها بشيء يذكر.

كل ذلك كشف عن عيبٍ فاضح في بنية قوانين وأنظمة الاقتصاد العالمية الحديثة، فالشركات الضخمة هي صاحبة القرار، وهي الحوت الذي يبتلع كل شيء ويفرض نفسه على الناس بكل بجاحة و "بشكل قانوني".

مهما كان للحكومات المختلفة حول العالم أنظمة وقوانين مختلفة، فإن فيسبوك يستطيع فرض قوانينه الخاصة في العالم الافتراضي، ليحظر ما يريد ويسمح بما يريد، ويوجه متابعيه بالشكل الذي يريد. كل ذلك أيقظ البعض على خطورة الأمر، لكن وحتى الآن لا خطوات كافية للحد من توسع الحوت الكبير "فيسبوك".