موجة صعود مستمرة في أسعار المعادن عالميًا... 4 أسباب تفسر ما يحدث

تزامنًا مع عودة انتعاش حركة الاقتصادات في أجزاء مختلفة من العالم، ارتفعت أسعار المعادن الصناعية البارزة. إذ كشفت دراسة حديثة لصندوق النقد الدولي، عن ارتفاع أسعار المعادن بنسبة 72% مقارنة بمستويات ما قبل الوباء لتصل إلى أعلى مستوى لها في تسع سنوات خلال شهر مايو/ أيار الماضي.

كانت الزيادة واسعة النطاق عبر المعادن الصناعية، حيث ارتفع النحاس بنسبة 89% في مايو/ أيار على أساس سنوي، وارتفع خام الحديد بنسبة 116%، وارتفع النيكل بنسبة 41%. كما أن أسعار معظم السلع الزراعية وسلع الطاقة تتجه نحو الارتفاع، ولكن بمعدل أقل.

وكشف صندوق النقد الدولي عن 4 عوامل أو أسباب تفسر هذا الارتفاع. يتمثل السبب الأول في انتعاش قائم على التصنيع، حيث لم يتراجع نشاط التصنيع كثيرًا في بداية الوباء وتعافى بسرعة أكبر من الخدمات، لا سيما في الصين، التي تعد المستخدم الرئيسي للمعادن. في الوقت نفسه، لا تزال القطاعات التي تبرز فيها سلع الطاقة بشكل واضح، مثل قطاع النقل، تعاني من الركود. على سبيل المثال، لا يزال استهلاك وقود الطرق العالمي عند 93% من مستويات ما قبل الجائحة، مما يحد من حدوث انتعاش إضافي في أسعار النفط.

أما السبب الثاني فيتمثل في تعطل العديد من عمليات التعدين بسبب الجائحة. بالإضافة إلى ذلك، وصلت أسعار الشحن لنقل المواد إلى أعلى مستوى لها منذ عشر سنوات بسبب الازدحام في الموانئ الرئيسية، وقيود الحجر الصحي، والمشاكل المستمرة في طاقم الشحن، وانتعاش أسعار الوقود من القيعان العميقة في ربيع 2020.

ويتمثل السبب الثالث في التوقعات بانتقال أسرع للطاقة والإنفاق على البنية التحتية، حيث أدت التوقعات القوية بشأن وتيرة الانتقال إلى اقتصاد أكثر اخضرارًا وبرامج البنية التحتية الطموحة إلى زيادة أسعار المعادن.

قد يتطلب التحول السريع للطاقة، على سبيل المثال، زيادة 40 ضعفًا في استهلاك الليثيوم للسيارات الكهربائية ومصادر الطاقة المتجددة. في حين أن استهلاك الجرافيت والكوبالت والنيكل لهذه الأغراض قد يرتفع بحوالي 20 إلى 25 مرة، وفقًا لما كشفته وكالة الطاقة الدولية.

وستؤدي برامج البنية التحتية الطموحة في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إلى زيادة الطلب على النحاس وخام الحديد والمعادن الصناعية الأخرى.

أما السبب الرابع والأخير، فيتمثل في قابلية تخزين المعادن، حيث أن المعادن أسهل في التخزين من النفط الخام أو بعض السلع الزراعية التي تحتاج إلى مرافق خاصة. وهذا يجعل أسعارها أكثر استشرافًا للمستقبل، وبالتالي، أكثر حساسية للتغيرات في أسعار الفائدة (تقلل معدلات الفائدة المنخفضة من "تكلفة الترحيل"، والتي تشمل أيضًا تكلفة التخزين والتأمين والمصروفات الأخرى. وبالتالي تميل إلى دعم أسعار السلع الأساسية) إلى جانب توقعات السوق، مثل تلك المتعلقة بالتحول السريع للطاقة والإنفاق على البنية التحتية.

وفق الصندوق، يتوقع محللون في السوق ذروة في أسعار المعادن بوقت قريب نسبياً، فيما تشير أسواق العقود الآجلة إلى زيادة أسعار المعادن الصناعية بنسبة 50% خلال عام 2021 على أساس سنوي، لكن من المتوقع انخفاضها بنسبة 4% في عام 2022.

بالرغم من ذلك، من المتوقع أن تظل الأسعار مرتفعة ويمكن أن ترتفع أكثر، خاصة إذا تسارع الطلب من التحول في مجال الطاقة.

على الجانب الآخر، قد تنخفض الأسعار أكثر من المتوقع إذا لم تتحقق الموافقة التشريعية والإجراءات الحكومية اللازمة لتحويل الطاقة وبرامج البنية التحتية كما هو منتظر.