إيران تقطع الماء عن العراق... والأخير يجد نفسه في موقف حرج

بعدما اعترف العراق رسميا أن إيران قطعت المياه عنه بشكل تام، شكك مراقبون في قدرة الحكومة المركزية في بغداد على التأثير في قرار طهران الأخير.

وكانت الحكومة العراقية قد أعلنت، يوم الأحد الماضي، أن إيران "قطعت المياه بشكل تام عن العراق"، ملوحةً باللجوء إلى المجتمع الدولي في حال استمر الوضع.

من جهته قال وزير الموارد المائية في الحكومة العراقية "مهدي رشيد الحمداني" إن "الإطلاقات المائية من إيران بلغت صفرا"، فيما أشار إلى "اتخاذ حلول لتخفيف ضرر شح المياه في محافظة ديالى" شرقي العراق.

ويرى مراقبون أن خطوة إيران الأخيرة تعتبر تجاوزًا واضحًا لكل القوانين والأعراف التي تُنظم حقوق الدول في الأنهار العابرة للحدود.

لكن ومع "الانتهاك الإيراني الواضح" و"استهتارها بردة فعل العراقيين" كما يرى مطلعون، تبدو قدرة الحكومة العراقية بالفعل محدودة في مواجهة إيران، فتوازن القوة السياسية والعسكري بين البلدين خاضعة تماماً لصالح الطرف الإيراني.

الخطوتان الوحيدتان اللتان قام بهما العراق، كانتا شكليتان إلى حد كبير، إذ أرسلت وزارة الموارد العراقية مذكرة للجانب الإيراني، تطالبه بالالتزام بالبروتوكولات والاتفاقيات التي بين البلدين بشأن المياه المشتركة.

كذلك أعلن وزير الموارد المائية العراقية أثناء زيارته للمناطق التي أصابها الجفاف في محافظة ديالى العراقية جراء قطع إيران للمياه، بأن حكومة بلاده ربما تلجئ للمجتمع الدولي للضغط على إيران. وفي المقابل، لم ترد إيران على خطوات العراق.

إيران تضرب بحاجة الشعب العراقي الماسة للمياه عرض الحائط:

إن العراق بحاجة ماسة لمياه أنهاره الإقليمية، فهو بلد شبه صحراوي قليل الأمطار، يعتمد في حاجات المائية السنوية على المياه المتدفقة من تركيا وإيران وسوريا.

وتفيد التقديرات الدولية بأن حاجات العراق من الموارد المائية تتجاوز 70 مليار متر مكعب من المياه، يذهب أكثر من ثلثيها إلى القطاع الزراعي، المعتمد على الري بشكل شبه مطلق في العراق.

كانت الأنهار والسواقي المائية القادمة من إيران تُلبي ثلث حاجة العراق، بالذات من الأنهار والروافد الكُبرى، مثل نهر الزاب الأسفل، الذي يُغذي بحيرة دوكان التي تتدفق بدورها لتغذي نهر دجلة.

ويغذي نهر ديالى الكبير بحيرتي دربندخان وحمري، اللتين تشكلان الخزان المائي لكامل منطقة شرق العراق، وتلبيان الحاجات المائية لأكثر من 7 ملايين عراقي، في محافظات السليمانية وديالى وصلاح الدين والواسط.

وهناك نهرا الكرخة وكاراون، اللذان كانا مصدراً تاريخياً لخصوبة جنوب العراق. بالإضافة لمئات المجاري الموسمية، التي كانت تستخدم لسقاية المناطق الحدودية.

وكان اتفاق سياسي عراقي إيران قد عُقد عام 1975 بين البلدين، بشأن تقاسم المياه في الأنهار المشتركة، وذلك على هامش اتفاقية الجزائر الشهيرة ذلك الحين، التي قسمت مياه شط العرب بين البلدين، لكن الرئيس العراقي الراحل "صدام حسين"، أعلن في العام 1980 انسحاب بلاده من تلك الاتفاقية، واعتبر مياه شط العرب ملكاً كاملاً للعراق.

وهذه الأداة التي تتخذها إيران ذريعة لإعلان عدم التزاماها بمضامين المحاصصة في المياه. لكن خبراء قالوا إن إلغاء هذه الاتفاقية الهامشية لا تعني إسقاط الحقوق العامة الشرعية للعراق، كما لأي بلد آخر، في مياهه الإقليمية في الأنهار العابرة للحدود.