ما الذي يدفع الصين لتضييق الخناق على عمليات تعدين البتكوين؟
في الأسابيع الماضية أوقفت عدد من شركات تعدين العملات المشفرة أعمالها في الصين، وعلّقت منصة تبادل العملات المشفرة "هيوبي" (Huobi) خدمات استضافة المعدّنين بالإضافة إلى بعض خدمات التداول، فيما قالت شركة تعدين العملات المشفرة "كاش كاو" إنها ستتوقف عن بيع الآلات للعملاء في الصين، وذكرت في بيان أنها "ستدعم جميع أنواع القوانين واللوائح في البلاد".
وبالتزامن مع هذه الأحداث، أعلن "تشانغ تشور" الرئيس التنفيذي لشركة "بيت توب" (BIT TOP) التي تمثل أكثر من 18% من معدل تجزئة تعدين البتكوين في الصين عن تعليق عملياته المحلية، وكتب في حسابه على موقع "ويبو" للتواصل الاجتماعي "سنقوم بالتعدين بشكل أساسي في أميركا الشمالية، ولا يستحق الأمر تحمل المخاطر التنظيمية".
حملة قمع مفاجئة وخسائر بيئية تعقد القضية:
كانت هذه الأحداث التي وصفها مراقبون بـ "حملة قمع المفاجئة" ناتجة بشكل أساسي عن طبيعة المضاربة المتأصلة في العملات المشفرة، بالإضافة إلى كره الحزب الشيوعي الصيني الشديد للمخاطرة أو لأي شيء خارج عن سيطرته.
بالإضافة إلى ذلك، تزيد الخسائر البيئية الهائلة لتعدين العملات الرقمية من تعقيد الأمور، خصوصًا أنها تقوّض وعد الرئيس الصيني "شي جين بينغ" بجعل الصين محايدة للكربون بحلول عام 2060.
قبل الحملة، كان من المتوقع أن يولد تعدين البتكوين في الصين أكثر من 130 مليون طن متري من انبعاثات الكربون بحلول عام 2024، وذلك وفقا لدراسة نشرت في مجلة "نيتشر كوميونيكيشن" (Nature Communications) العلمية، وفي حال كانت صناعة تعدين البتكوين العالمية دولة فستكون في المرتبة الـ 29 من بين أكبر مستهلكي الطاقة في العالم على قائمة الدول من حيث استخدام الطاقة فوق الأرجنتين التي يبلغ عدد سكانها حوالي 45 مليون نسمة.
وعلى الرغم من استفادة تعدين العملات المشفرة خلال أشهر الصيف من مصادر الطاقة المستدامة بفضل الأمطار الغزيرة فإن فصول الشتاء في الصين قاحلة، مما يعني أنه ينبغي على المعدّنين البحث عن إمدادات كهرباء بديلة رخيصة، ولا تنتج مزارع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح إمدادات ثابتة كافية لتشغيل عمليات التعدين على مدار الساعة، ونتيجة لذلك يلجأ المعدّنون غالبًا إلى البديل الوحيد الميسور التكلفة ألا وهو الفحم.
في المقابل، لا يقتصر الأثر المنعكس عن تعدين العملات المشفرة على مشاكل المناخ فحسب. فقبل حملة القمع التي بادرت بها الحكومة الصينية، شجع ارتفاع سعر البتكوين خبراء التكنولوجيا في جميع أنحاء الصين على تحويل أجهزة الحاسوب المستخدمة في مجالات استراتيجية وهامة كالذكاء الاصطناعي أو معالجة البيانات الضخمة إلى عمليات التعدين، وهو أمر لا يريح الحكومة الصينية التي تنظر إلى الأمر من منظور بعيد الأمد.
ويرى خبراء أن سعر البتكوين سيتعافى من الركود الحالي، لكن سيتجنب المعدّنون في الأغلب الصين، وكان هناك نقل تدريجي في عمليات تعدين البتكوين إلى البلدان ذات درجات الحرارة الباردة على مدار العام وإمدادات الطاقة المتجددة الثابتة، مثل كندا وآيسلندا.