أسعار السيارات في سوريا تشهد هبوطًا وحركة البيع لا زالت شبه معدومة
لطالما كانت السمة الطاغية على أسعار السيارات في سوريا طوال السنوات الماضية، هي العشوائية، وأحيانًا انعدام المنطقية في التسعير. وذلك مع عدم وجود ضوابط أو قواعد لتقييم السيارات، ما جعل أسعارها تصل إلى أرقام يصفها البعض بالـ "فلكية" والتي" لم يحلم بها حتى مصنعوها في بلادها". وينطبق هذا الوصف بالذات على السيارات المستعملة، إذ نجد الشخص يشتري السيارة ويستهلكها عن أخرها ثم يبيعها بسعر يبلغ أضعاف المبلغ الذي اشتراها به عدة مرات.
لكن هذا السوق الذي اتسم بالعشوائية والغلاء أصابته حالة من الركود في الآونة الأخيرة لعدة عوامل، يقول البعض إن "القرارات الحكومية ساهمت بشكل مباشر فيها".
هبوط أسعار السيارات في سوريا:
لنستعرض أسعار بعض السيارات في الأسواق خلال الأشهر الأخيرة، إذ أفاد أصحاب مكاتب بيع السيارات في سوق الزاهرة الجديدة للسيارات بدمشق أنّ أسعار السيارات هبطت بمقدار 30% تقريباً عن الأشهر القليلة الماضية، فسيارة نوع "هيونداي أفانتي" سنة التسجيل 2008 مثلاً وصل سعرها قبل أشهر إلى 60 مليون ليرة سورية، بينما هبط سعرها اليوم إلى 40 مليون ليرة سورية، مع فارق مهم أنه عندما كان سعرها 60 مليوناً كانت تلقَ رواجاً وقبولاً لدى الكثير من المواطنين، لكن اليوم وبعد هبوط سعرها بمقدار الثلث لا يوجد زبوناً جدياً لها.
وكذلك الأمر بالنسبة لسيارة نوع "كياريو" أيضاً، فوصل سعرها إلى 55 مليوناً، وسعرها الآن بين 35 و40 مليوناً.
لماذا انخفضت أسعار السيارات وعزف الناس عن شرائها؟
يعتقد مراقبون أن أحد أهم أسباب الركود والهبوط في أسواق السيارات حاليًا هو عدم ثبوت أسعارها وتذبذبها بين حينٍ وآخر، ما جعل المواطنين الراغبين بالحفاظ على قيمة مدخراتهم يلجؤون إلى الذهب والعقارات إذ أنها أكثر أماناً.
ويأتي تالياً غلاء أسعار قطع التبديل التي تفوق طاقة تحمّل المواطن السوري، ناهيك عن صعوبة الحصول عليها في حال توافرها.
مع هذه العوامل تلعب القرارات الحكومية أيضًا دورها بقوة، التي قد بدأت بإلزام شاري السيارة بتسديد جزء من مبلغ الشراء في حساب البائع في أحد البنوك لإتمام عملية البيع، قبل أن يأتي القرار الأخير ويكون بمثابة رصاصة الرحمة على هذا السوق عندما ألزمت الحكومة الشاري بوضع مبلغ 5 مليون ليرة سورية في حساب البائع، وبهذا القرار قطعت الحكومة الساقية الجارية عندما طمعت بنهر الإيرادات من هذا السوق، فشلّت حركة البيع إبان هذا القرار بشكل كامل.
أمّا السبب الآخر الذي أسهم في جمود هذا السوق فهو قلّة المحروقات اللازمة لحركة السيارات وصعوبة الحصول عليها، ناهيك عن ارتفاع أسعارها بشكل غير منطقي في فترات زمنية قصيرة، ما جعل من يفكر بشراء سيارةٍ ما يعزف عن هذا القرار كي لا تصبح سيارته مجرّد خردة ومضرباً للعوامل الجوية لتأكلها كيفما تشاء.
أعلى سعر وصلت له السيارات قبل عدة أشهر:
صرّح أحد تجار السيارات، قبل عدة أشهر (تحديدًا في نهاية شهر آذار)، أن سعر سيارة فولكس فاغن-غولف المستعملة، التي يعود تاريخ صنعها لعام 1976، قد وصل إلى ثمانية عشر مليون ليرة سورية، للسيارة "المنفوضة" أو المحدّثة. وكان سعر هذه السيارة أحد عشر مليون ليرة قبل شهرين، فيما كانت تُباع بداية عام 2020 بـثلاثة ملايين فقط. وتعتبر سيارة غولف من أرخص السيارات، ذات المنشأ غير الصيني، المرغوبة في السوق السوري. وذلك لرخص أسعارها مقارنةً بغيرها.
وتأتي في المرتبة الثانية، من حيث الطلب في السوق، سيارة شيري- كيو الصينية، المرغوبة نتيجة مصروفها القليل، وتوفّر قطع غيارها. وقد ارتفع سعرها من خمسة عشر مليون ليرة، بداية العام الجاري، إلى اثنين وعشرين مليون ليرة حالياً، بارتفاع وصل إلى 46% خلال شهرين فقط، بينما كانت تُباع بداية عام 2020 بأربعة ملايين ليرة فقط.
وشهدت أسعار السيارات الكورية بدورها ارتفاعاً لافتاً، فوصل سعر سيارة كيا-ريو إلى حوالي ستين مليون ليرة سورية، للسيارة النظيفة. وذلك بعد أن كان سعرها نحو خمسة وثلاثين مليون ليرة سورية بداية العام الجاري، فيما كانت تُباع بعشرة ملايين مطلع العام الماضي.
أما السيارات الكورية المرغوبة القديمة، مثل "دايو ريسر" و "سيلو"، فقد تراوحت أسعارهما بين اثنين وعشرين وخمسة وعشرين مليون ليرة سورية. بعد أن كان سعرها مطلع العام الجاري بين ستة عشر وثمانية عشر مليون ليرة. أما سوزوكي ماروتي فوصل سعرها إلى ثمانية عشر مليون ليرة، بعد أن كان اثنا عشر مليوناً بداية العام.